«واشنطن بوست»: الخلافات تعيق التوصل لاتفاق للحد من التلوث البلاستيكي

«واشنطن بوست»: الخلافات تعيق التوصل لاتفاق للحد من التلوث البلاستيكي
دعوات للحد من التلوث البلاستيكي

تواصل الدول الاستعداد للجولة الأخيرة من المحادثات بشأن معاهدة عالمية تهدف إلى مواجهة مشكلة التلوث البلاستيكي، وهو التحدي الذي يشكل تهديدًا كبيرًا للبيئة وصحة الإنسان، وفقا لصحيفة "واشنطن بوست".

وقالت الصحيفة الأمريكية في تقرير لها اليوم الثلاثاء، إنه على مدار عامين من النقاشات، سعَت العديد من الدول إلى التوصل إلى اتفاق عالمي لمعالجة هذا التلوث الذي يؤثر بشكل غير مسبوق على كوكب الأرض، ويهدف الاتفاق إلى "إنهاء التلوث البلاستيكي" عبر تدابير قد تشمل تحسين كيفية التعامل مع نفايات البلاستيك وتقليل إنتاج هذه المادة على مستوى العالم.

المفاوضات في مرحلة حاسمة

تجمع ممثلو 175 دولة هذا الأسبوع في مدينة بوسان بكوريا الجنوبية من أجل المشاركة في الجولة النهائية من المفاوضات الرسمية، ورغم الجهود المبذولة، لا يزال هناك تباين في الآراء بين المفاوضين بشأن بعض النقاط الأساسية، ما يثير الشكوك حول إمكانية التوصل إلى اتفاق قبل الموعد النهائي في نهاية العام.

وقال مدير حملة المحيطات في منظمة "غرينبيس"، جون هوكيفار: “معاهدة مثل هذه تعد فرصة نادرة في التاريخ، منذ سنوات قليلة كان من المستحيل تصور اجتماع العالم بأسره لمناقشة كيفية إنهاء التلوث البلاستيكي، أتمنى أن نتمكن من الحفاظ على جزء من هذه الروح من أجل تحقيق تأثير حقيقي”.

حجم المشكلة وتأثيرها

ينتج أكثر من 460 مليون طن من البلاستيك سنويًا، وهو ما يعادل وزن أكثر من 300 ألف حوت أزرق، وفقًا لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، وتعد الولايات المتحدة أكبر منتج للنفايات البلاستيكية، حيث ينتج كل شخص في المتوسط نحو 130 كيلوغرامًا من البلاستيك سنويًا.

في عام 2016، أنتجت الولايات المتحدة 42 مليون طن من النفايات البلاستيكية، أي ما يقارب ضعف ما أنتجته الصين وأكثر من الاتحاد الأوروبي.

تنتج غالبية البلاستيك من الوقود الأحفوري، وهي عملية تسهم في انبعاث غازات سامة تؤدي إلى الاحترار الكوكبي، وقد أدت عملية إنتاج البلاستيك في عام 2019 إلى إطلاق نحو 2.24 مليار طن من الانبعاثات، ما يعادل أكثر من 500 مليون سيارة تعمل بالوقود لمدة عام كامل.

تتسبب البلاستيكات ذات الاستخدام الواحد في تلويث الأراضي والمسطحات المائية والمحيطات، بعض هذه البلاستيكات قد يستغرق مئات السنين ليتحلل، ومع تدهور البلاستيك في البيئة، تتشكل جزيئات البلاستيك الدقيقة، وهي جزيئات لا يتجاوز حجمها 5 مليمترات، وقد وُجدت في أماكن متعددة، من ثلوج القطب الجنوبي إلى أجسام البشر.

ورغم أن تأثيرات هذه الجزيئات على الصحة لا تزال غير معروفة بشكل كامل، فإنها تثير القلق بسبب احتوائها على مواد كيميائية سامة يمكن أن تدخل إلى جسم الإنسان عبر الاستنشاق أو التناول.

أهداف المعاهدة العالمية

في مارس 2022، اتفقت الدول على بدء العمل على معاهدة قانونية تهدف إلى معالجة جميع مراحل دورة حياة البلاستيك، من التصميم والإنتاج إلى إدارة النفايات، ويُنظر إلى هذه المعاهدة كأحد أهم الاتفاقات البيئية في العصر الحالي.

قالت مديرة سياسة البلاستيك في "أوشن كونزيرفنسي"، أنجا براندون: “إن العمل على إنشاء معاهدة عالمية يعكس مدى خطورة الأزمة التي نواجهها”.

تدعو المعاهدة إلى تعديل تصميم المنتجات البلاستيكية بحيث يمكن إعادة استخدامها أو تدويرها أكثر من مرة، كما يمكن أن تتضمن تدابير لتحسين كيفية إدارة نفايات البلاستيك وتنظيف التلوث الذي تسببه، ولكن لتحقيق الهدف الرئيسي من المعاهدة وهو "إنهاء التلوث البلاستيكي"، يرى الناشطون البيئيون ضرورة اتخاذ تدابير لتقليل كمية البلاستيك المنتج، وقد يشمل ذلك فرض قيود على الإنتاج العالمي أو حظر البلاستيك ذي الاستخدام الواحد.

معارضة بعض الأطراف

على الرغم من دعم بعض الجماعات البيئية لهذه التدابير، فإن مجموعات صناعية ودولًا تعتمد على الوقود الأحفوري تعارض هذه الخطوات، فهي ترى أن المعاهدة يجب أن تركز بشكل أكبر على معالجة النفايات البلاستيكية بدلاً من تقليص الإنتاج. 

وقال المتحدث باسم "المجلس الدولي لجمعيات الكيمياء"، ستيوارت هاريس: “نؤمن أن الاتفاق يجب أن يركز على تسريع عملية إعادة التدوير ومنع تسرب النفايات البلاستيكية إلى البيئة”.

التقدم المحرز

تمخضت 4 اجتماعات سابقة عن مسودة نص من 73 صفحة تتضمن أكثر من 3 آلاف كلمة وجملة لا يزال المندوبون يختلفون بشأنها، وقبل الجولة النهائية من المحادثات في بوسان، أصدرت الإكوادور وثيقة مختصرة قد تشكل أساسًا جديدًا للمفاوضات، وهي تحتوي على بنود بشأن تصميم المنتجات البلاستيكية وإدارة النفايات، ويدعو النص الدول إلى وضع خطط وطنية لتنفيذ التزاماتها.

في تحول ملحوظ، أعلنت الولايات المتحدة في أغسطس دعمها لهدف عالمي لتقليص إنتاج البلاستيك، لكن مع اقتراب المحادثات من نهايتها، أكد المفاوضون الأمريكيون أنهم لن يدعموا حدودًا إلزامية لإنتاج البلاستيك، ما أثار انتقادات من بعض الجماعات البيئية.

هل يمكن التوصل إلى اتفاق؟

يتساءل المراقبون عما إذا كانت الدول ستتمكن من التوصل إلى اتفاق قبل الموعد النهائي في نهاية العام، وأعرب هوكيفار عن قلقه من ضغط الدول لإتمام الاتفاق في وقت قصير، وقال: "من المهم أن يكون الاتفاق صحيحًا أكثر من أن يتم إنجازه بسرعة".

وأضاف أن المفاوضات قد تمتد إذا تبين أن الاتفاق النهائي في بوسان ليس ذا مغزى، وبغض النظر عن نتائج المحادثات، سيظل الطريق طويلًا أمام تنفيذ الاتفاق.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية